بين أعلنت وأغلقت : أنشودة أحلام ضائعة في طياتها قصص ومآسي لمئات التجار والمستثمرين اليمنيين
سبأ بوست | عبدالسلام المساجدي.
بين “أعلنت” و”أغلقت”، تتراقص كلمات حزينة كأوراق الخريف المتساقطة تحمل في طياتها قصص مئات من التجار والمستثمرين الذين سقطوا ضحية لواقعٍ اقتصاديٍّ قاسٍ ..فقد كانت أحلامهم وردية،طموحة، تُشبه بزوغ شمس جديدة على أفقٍ معتم .. لكن الظروف الخانقة أجهضت تلك الأحلام، وحولتها إلى كوابيس سوداء تلاحقهم في كل مكان.
تخيل معي مشهدًا: وجوه متعبة، عيون دامعة، أيدي فارغة، بعد أن كانت تمتلئ بالأمل والطاقة.. مشاريع طموحة، بدأت بحماس وتفاؤل، انتهت إلى خراب مدوٍ .. أحلام تحطمت كالأواني الزجاجية على صخرة قاسية تاركة وراءها حطامًا من الآمال والأحلام الضائعة.
لم تكن المشكلة مجرد صعوبات اقتصادية عامة، بل كانت أكثر من ذلك بكثير.. فقد جثمت الرسوم الحكومية كجبل شاهق على أكتاف المستثمرين مثقلة إياهم بأعباء مالية لاطاقة لهم بتحملها.. تصاريح،وسجلات،وشهادات،وبطاقات ضريبة وزكوية ونظافة وتحسين وأشغال ودعايةوصحة وبيئة ومجالس محلية وتسهيلات ومجاملات ومساهمات مجتمعية وديون لا حصر لها وقائمة لا تنتهي من المبالغ المالية التي استنزفت أموالهم وأرهقت جهودهم دون حصولهم على أي امتيازات أو إعفاءات حكومية تذكر.
لقد تحول البلد المنكوب إلى ساحة لمعركة إقتصادية قاسية،حيث يقاتل التجار والمستثمرون من أجل البقاء فهم يجازفون برؤوس أموالهم وأحيانا بآخر ما يملكونه ساعين إلى تغيير واقعهم المؤلم وتأمين مستقبلهم المجهول لكن الواقع يثبت يوميًا أن المعركة غير متكافئة وأن الظروف الاقتصادية الصعبة والبيروقراطية الخانقة تحكم عليهم بالفشل قبل أن يبدأوا .. ومع تراكم الخسائر ومضاعفة الديون والغرامات وركود السوق لم يكن أمام الكثير من التجار سوى الخيار المرير : إغلاق مشاريعهم وإعلانهم الإفلاس المبكر.
إنّ هذه القصص ليست مجرد أرقام وإحصائيات بل هي قصص أشخاص حقيقيين حملوا أحلاما كبيرة،وسقطوا ضحية لأنظمةٍ معقدة وقاسية..إنه نداء للتغيير، لإعادة النظر في السياسات الاقتصادية وتبسيط الإجراءات البيروقراطية، وتوفيرِ بيئة استثمارية مشجعة للمستثمرين كي لا تكرر هذه المأساة مرة أخرى .. فبين “أعلنت” و”أغلقت”، يخبئ الواقع دروسا قاسية يجب أن نتعلم منها.